منذ نهاية القرن السابع، تجانست الكتابة الحجازية وتم إعادة صياغتها في سياق تميز بالاستخدام المتزايد على نطاق واسع للأبجدية العربية داخل الإمبراطورية. وفي نفس الوقت فرض الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (646 – 705) استخدام الكتابة العربية في ديوان الملك. كما تميزت هذه الفترة بظهور الخط الكوفي، والذي كان يستخدم بشكل رئيسي في كتابة القرآن الكريم وتزيين الآثار، فمسجد قبة الصخرة في القدس، المزين بآيات قرآنية بالأسلوب الموصوف بالكوفي، يعد مثالًا رمزيًا لهذا الخط في الكتابة.

1. مدرسة الكوفة
منذ القرن الثامن، ظهر في الكوفة، إلى جانب الخط الحجازي، أسلوب خطي جديد يسمى “الكوفي”، يهدف إلى الكمال الجمالي. وهي يعد من الخطوط الأولى المستخدمة لكتابة القرآن. لم يذكر المؤرخون أصحاب هذه المدرسة، فللحسن البصري (642-728)، تلميذ علي بن أبي طالب (حوالي 600-661)، تعود شجرة التلقين من الأستاذ إلى التلميذ، وتشهد على الامتثال في تعلم الخط.
1.1 أنماط الخطوط
الكوفي (القرن الثامن)
يتميز الخط الكوفي بخطوطه المستقيمة والمنزوية، وتتميز الأخيرة باستخدام خطوط عمودية قصيرة، وخطوط أفقية ممتدة تنتهي غالبًا بالتدوير وفراغات لإدراج إيقاع منتظم وكلمات منفصلة. يصعب فك رموز الكوفي القديم بشكل خاص لأنه خالي من النقاط وتشكيل الحروف. ولتسهيل القراءة، يُضطر لإضافة بعض العلامات الملونة. وقد أثرى خطاطو هذا الأسلوب الخط الكوفي، خاصة من خلال إضافة الزخرفة العربية في بداية القرآن الكريم ونهايته، وذلك لزيادة جمال الحرف العربي بشكل عام. بلغ تطور الأسلوب الكوفي ذروته في عهد الدولة العباسية، حيث تم إحصاء أكثر من سبعين نوعا من الخط الكوفي، منها:
- الكوفي المستطيل (“شوترانجي” أو “لعبة الشطرنج”)، يستخدم بشكل رئيسي في الديكور المعماري، من خلال عرض هندسي على شكل متاهة لهذه الكتابة.
- الكوفي المزهر، يستخدم في فن الكتب، وخاصة في صفحات العناوين، وتزيين الآثار، والفخار، والسيراميك، وما إلى ذلك.
- الكوفي ذو السيقان المتشابكة، والذي أصبح منذ ذلك الحين عنصرًا زخرفيًا مفضلاً في فن شمال إفريقيا، خاصة في فن الجص المنحوت أو المجسم.
1.2 الخطاطون المؤسسون
خالد بن الهياج (القرن السابع)
كان الكاتب الرسمي للخليفة الوليد بن عبد الملك (668-715)، المعروف برعايته للفنون والعمارة الإسلامية. وبالإضافة إلى دوره في تنفيذ المشاريع المعمارية الكبرى، يُعرف خالد بن الهياج بأنه مبدع الخطوط التي تزين مسجد المدينة المنورة، فضلاً عن مساهمته في كتابة العديد من النسخ الكبيرة والمرموقة من القرآن الكريم.

ورقة عليها آيات قرآنية
سورة هود الآيات 49-50
القرن التاسع
نوع الخط كوفي قديم
رق، 29.4 × 20.8 سم
المؤسسة العدلانية، المخطوطات، MAN-513

قلادة من اليشم النفريت
مكتوب عليها بالخط الكوفي
«نصر من الله وفتح قريب»
2 × 4 سم
المؤسسة العدلانية، الأغراض، OBJ-3589

ورقة باللون الأزرق عليها آيات قرآنية
بخط مذهب
سورة الروم، الآية 28
نوع الخط كوفي
المؤسسة العدلانية، المخطوطات، MAN-630

ورقة عليها آيات قرآنية
سورة يس الآيات 25-27
نوع الخط كوفي قديم
رق، 20 × 28 سم
المؤسسة العدلانية، المخطوطات، MAN-575
2. المدرسة الأندلسية المغاربية
(929-1031)
أنشأ الأمويون بالأندلس دولة خلافة عام 929. وشهدت هذه الفترة ازدهارا كمركز ثقافي متألق ضاع صيته في جميع أنحاء حوض البحر الأبيض المتوسط، وأنتج المدرسة المغربية. تضم “دار الإسلام” مدرستين للخط الإسلامي: المشرقي للشرق الإسلامي والمغربي لغرب مصر وأوروبا الجنوبية (الأندلس، صقلية، …) نشرت المدرسة المغربية، التي نشأت في القيروان، أسلوب الكتابة الكوفي الغربي الذي يتميز بالأشكال الهندسية والأحرف المربعة والزخارف المتقنة. استعمل هذا الخط بشكل واضح في كتابة النص القرآني، وظهرت أربعة أنواع من هذا الأسلوب : الأندلسي، والقيرواني والسوداني، والفاسي.
1.2 أنماط الخطوط
المغربي
ظهر أسلوب الخط المغربي في القرن التاسع ليصل إلى ذروته في القرن الحادي عشر، يتميز بخط رقيق وأشكال سخية وتنقيط مختلف قليلاً لأحرف معينة. شاع استخدام هذا الخط في الكتابات الدينية والإدارية والأدبية. كما يمكن رؤيته في زخرفة القصور والمساجد في شمال أفريقيا والأندلس، ولا سيما في قصر الحمراء (غرناطة)، من بين أشهر خطاطي هذا الأسلوب العالم ابن الجزري الأندلسي (1350 – 1429).
الأندلسي
ازدهر أسلوب الخط الأندلسي في بلاد الأندلس من القرن التاسع إلى القرن الخامس عشر، مرتبط بالمدرسة المغاربية، يتميز الأندلسي من خلال أشكال محدودبة سلسة، مع الاهتمام بتناغم الخطوط وتوازن التراكيب، والحروف فيه مزينة بزخارف نباتية وهندسية ومخطوطاته ملونة وذهبية.
يتم استخدامه في المساجد والقصور والمدارس، كما يستخدم للزخرفة الجدارية والمعمارية بآيات قرآنية أو قصائد أو نقوش زخرفية، مع إضافة لمسات جمالية للمساحات. أصل الخط الأندلسي قرطبة، اندمج مع الطراز الفاسي عند خروج العرب من الأراضي الأندلسية. (إسبانيا حاليا) .
يشير مؤرخو الفترة الأندلسية إلى عائشة بنت أحمد بن محمد بنت قادم القرطبية (ت. 1009)، سليلة عائلة مشهورة من قرطبة وهي إحدى النوابغ المتألقة في الأندلس، شاعرة بفترة حكم المنصور (714 – 775) وأولاده، كما عرفت أيضا بإتقانها لفن الخط، ونسخت العديد من مصاحف القرآن.
السوداني (القرن العاشر)
تم تطوير هذا الخط في غرب أفريقيا، يتميز بملامح انسيابية ومنحنيات ناعمة وأحرف مزخرفة وتكامل مع العناصر الفنية المحلية. يُستخدم في النصوص الدينية والقصائد والوثائق الإدارية ويعبر عن الثقافة والفن في غرب أفريقيا مع أنماط خطية مختلفة (السوقي والصحراوي والهوسي والمغربي والشرقي وخطوط أخرى).

المد عليه كتابة خطية
صنع سنة 1504
محمد بن عبد الرحمن
النحاس
المؤسسة العدلانية، الأغراض، OBJ-3060

ورقة عليها آيات قرآنية
سورة التوبة، الآيات 83-84
نوع الخط كوفي قيرواني
ورق، 13 × 9.5 سم
المؤسسة العدلانية، المخطوطات، MAN-180

مخطوط للقرآن
سورة البقرة 72-76 و 82-85
نوع الخط سوداني
ورق 20 × 16 سم
المؤسسة العدلانية، المخطوطات، MAN-118

مخطوط في الحديث
محمد ابن إسماعيل البخاري، الجامع الصحيح في السنن والآثار
تونس، القرن الرابع عشر
نوع الخط مغربي
ورق 21 × 19 سم
المؤسسة العدلانية، المخطوطات، MAN-199
2.2 الخطاطون المؤسسون
الجزري السقا (1185-1256) كان خطاطاً عربياً مشهوراً ولد في قرطبة. اشتهر بدوره في تطوير أسلوب الخط المغربي، كما اشتهرت مؤلفاته الخطية بأناقتها. عرف بخبرته في فن تركيب الحبر والألوان المستخدمة في الكتابة العربية. لقد أتقن خلطات الحبر الخاصة به من خلال تجربة استخدام الأصباغ لتحقيق مميزات معينة. الشرفي (حوالي 1266-1323) هو خطاط بارز من شمال إفريقيا من العصر المريني، اشتهر بمساهماته الكبيرة في المدرسة المغربية الأندلسية، يُعرف أسلوبه في الخط برفعته وعناصره الزخرفية المعقدة.
كان الشرفي (حوالي 1266-1323) خطاطاً بارزاً من شمال إفريقيا من العصر المريني. اشتهر بإسهاماته الكبيرة في المدرسة المغربية الأندلسية. يُعرف أسلوبه في الخط بصقله وعناصره الزخرفية المعقدة.
عاش محمد الصوفي (القرن الثالث عشر) في منطقة فالنسيا (إسبانيا)، وقد ورّث للأجيال مخطوطة قرآنية، مكتوبة ومُثراة بزخارف جميلة يعود تاريخها إلى عام 1285، تميزها عناوين بعض السور المختلفة عن المعروفة اليوم في القرآن.

مخطوط للقرآن
من سورة الكافرون إلى سورة الناس ونص الناسخ
1558
الناسخ: عبد الله الصوفي
نوع الخط مغربي
ورق، 22.5 × 18 سم
المؤسسة العدلانية، المخطوطات، MAN-123