استخدم الخطاطون لقرون عدة أدوات ووسائط مختلفة لكتابة وإنشاء تحفهم الخطية. كالأقلام المقطوعة من القصب أو كالمواد الثمينة الأخرى مثل العظام والفضة والذهب، والتي تعد ضرورية للخط. القطع الدقيق للقلم وتحضيره بعناية يمثل أساس الحصول على خطوط رائقة وبديعة. تم استخدام أدوات مثل المقط أو السكين لتحضير القلم، في حين أن المحبرة المملوءة بالحبر المعدة خصيصًا سمحت للخطاطين بإضفاء الحيوية على إبداعاتهم.
1. الأدوات
1.1 القلم
القلم” باللغة العربية يقابل الكلمة اليونانية “calamos” أو “calamus” باللاتينية، وهو يعني قلم للكتابة مقطوع من القصب، وقد استعمل للكتابة منذ البداية، وهو يشتمل على ثلاثة عناصر: عظم القلم أو بطن القلم، وهو الغطاء الأملس واللامع من الجزء الخارجي، و شحمة القلم وهو ما يجب إزالته للكتابة، وبينهما طبقة أكثر ليفية تسمى القشرة.
يعد تقليم القلم بشكل صحيح ضرورة أساسية، حيث يجب أن يتوافق عرض الفوهة، في المتوسط، مع نصف القطر الخارجي. وتتم العملية على أربع مراحل: الفتح والنحت والقطع المائل والقطع الحزم.
يذكر ابن النديم (936-995) في كتابه “الفهرست” عدة أنواع من الأقلام التي كانت تستخدم في عصره للكتابة باللغة العربية (ابن نديم، الفهرست، ج1، ص131-132)
- قلم القصب، ويسمى “قلم الوصف” أو “قلم البامير”. وهو أشهر وأقدم الأقلام العربية.
- قلم من القصب الأسود، ويسمى “القلم الحديد”.
- القلم العظمي، ويسمى “قلم الدابير”.
- قلم الفضة.
- قلم الذهب.
- القلم الفولاذي المسمى “قلم الحديد الأسود”.
- قلم القصدير، ويسمى “قلم الفلاسفة”.
- القلم الرصاصي المسمى “قلم الرماس”.
- القلم العاجي، ويسمى “قلم الفيل”.
- قلم القرن (من قرون الحيوانات).
2. الأدوات اللازمة لتحضير القلم
1.2 سكين
لقص القلم يحتاج بالضرورة إلى سكين أو مطواة ذات نصل رفيع وحاد ومبراة مصنوعة من العظم أو العاج يسمى المقط.
2.2 المقط
وهو عبارة عن لوح تقطيع يعمل بمثابة دعم للقلم أثناء القطع. يتم تشكيل نوع من الجزء المجوف للحفاظ على توازن القلم عند شق المنقار وقطعه. كما يستخدم لتجميع الحبر الزائد الذي يبقى على القلم عندما يضعه الخطاط.
3.2 المحبرة
للمحبرة أهمية كبيرة بالنسبة للخطاط، بعضها مصمم للاستخدام عند السفر. وهو عبارة عن كوب صغير بغطاء مخصص للحبر الجاف الذي يتم إضافة الماء إليه عندما يحين استعماله، موصول بعلبة رفيعة تحتوي على القلم. يتم تثبيته بشكل عام على الحزام. تحتوي كل محبرة على ِرقعة في قاعها، وهي عبارة عن صوف أو نوع من القماش يوضع في الجزء السفلي من المحبرة، وأحيانًا يكون مصنوعًا من خيوط الحرير بحيث لا تتضرر القصبة، التي يكون رأسها هشًا، ويتم تحميله بالحبر اللازم فقط، حيث أنه يقلل من الضرر في حالة سقوط المحبرة. أقدم المحابر مصنوعة من الحجر، ثم أصبحت تُصنع بعد ذلك من الخزف أو السيراميك المطلي أو بالزجاج أو النحاس أو المعادن الثمينة مثل الفضة والذهب بشكل استثنائي، يتم تزيينها أحيانًا بالحكم أو التوقيع.
4.2 الحبر (أو المداد)
يولي الخطاطون أهمية كبيرة للحبر الذي يستخدمونه، والذي يكون أسود اللون في المقام الأول. فهو يعتبر، بالنسبة لهم، جوهر الرسالة وعنصر ضروري لإضفاء الحيوية على الخطوط العريضة، هناك فئتان رئيسيتان من الحبر المستخدم: الأول، ويسمى المداد، وأساسه الكربون، ويتكون من سواد الدخان والصمغ العربي والماء. والثاني، يسمى حبر معدني الغاليكي، وهو مصنوع من جوز المر وكبريتات الحديد أو الزاج الأخضر. ويستخدم الخطاطون أحيانا حبرًا ثالثًا يسمى المختلط، وهو مزيج من جوز المر و سواد الدخان. ويتم إضافة مكونات أخرى تختلف من وصفة لأخرى: الشبة، قشر الرمان، القرنفل، نواة التمر المحروقة والمكسرة، الخثارة، الزعفران، العسل، بياض البيض، ماء الورد… وفي نهاية التحضير، يتم تصفية الحبر وتعطيره في بعض الأحيان، وأصعب شيء هو الحصول على خليط متجانس من المكونات المختلفة. هناك مصنف يعود تاريخة إلى سنة 1025 أين يلخص فيه صاحبه ابن باديس جميع أنواع الحبر ومكوناتها.
5.2 الصباغ
وهي المكونات التي تعطي اللون للحبر، غالبية أصباغ اللون الأسود تعتمد على الدخان، أما الأصباغ الأخرى فهي متنوعة ومن أصول مختلفة، الرئيسية منها: الكربون المسمى السناج، وحجر الشب، والصمغ العربي، والتراب، وخليط قشر الجوز وقشر الرمان، وحجر الحبر الهندي. أصفر الأوربيمنت وهو كبريتيد الزرنيخ. وغالبًا ما يحل محل الذهب بسعره الأقل. يتم استخراج المغرة من الصخور الحديدية وتتكون من الطين الملون بهيدروكسيد الحديد. الأصباغ الزرقاء نادرة جدًا، في الماضي، تم استخدام حجر اللازورد (باهظ الثمن مثل الذهب ويستخدم في أول صفحتين من القرآن). تُستخدم أيضًا أصباغ نباتية ولكنها حساسة للضوء وتتطلب أحيانًا كمية كبيرة: الزهور والأوراق والزعفران وقشر الرمان وقشر الجوز وأوراق الحناء. الأصباغ ذات الأصل الحيواني مثل القرمزية للأحمر والأرجواني. أوراق الفضة والذهب.
6.2 القالب
عندما يشكل الخطاط تركيبة معقدة، فلا مجال للخطأ فيها، بحيث يكون كل حرف من حروفه في المكان المحدد في التكوين كما تخيله، يقوم بعمل رسم تخطيطي لخطه على ورقة وإجراء التصحيحات اللازمة، ثم يأخذ جلد غزال رقيق جداً، أو ما استعمل لاحقاً من ورق شفاف ويضعها على رسمه، وبواسطة إبرة رفيعة، يثقب ثقوباً صغيرة حول الخطوط ويحصل على قالب، ثم، باستخدام كيس من القماش الناعم مملوء بالفحم المسحوق، يختم القالب الموضوع على ورقة جميلة، عندما يزيل القالب بدقة، تظهر إعادة إنتاج الخطوط المنقطة في تكوينه، وأخيرًا، بالقلم، يكتب الخط متبعًا الأثر الذي تركه مسحوق الفحم.
7.2 الحناش
أداة تستعمل للقراءة. بشكل عام، يكون على شكل عود طويل، إما أن تكون مصنوعة من العظام أو الخشب أو الفضة. تستخدم لحفظ الآيات القرآنية التي يقرأها الطلاب على اللوحة القرآنية الخشبية.
2. دعائم الكتابة
1.2 الرق
لقد تطور اختيار مادة الكتابة عبر القرون والثقافات. جاء الرق في الأصل من مدينة برغاموم (تركيا الحالية)، وهو مادة تكون شفافة أحيانا أو غير شفافة في أحيان أخرى، ذات سطح أملس، تصلح للكتابة والتجليد وغيرها من الاستخدامات، يتم الحصول عليها عن طريق تجفيف الجلد الكلسي غير المدبوغ من الأغنام والماعز والغزلان… وقد حلت محل ورق البردي تدريجياً، تكلفتها العالية ووقت تصنيعها جعلا منها مادة نادرة وثمينة.
2.2 الورق البردي
استُخدم ورق البردي في مصر القديمة منذ الحضارات القديمة، وظل أحد أدوات دعائم الكتابة العربية حتى وصول الورق في القرن العاشر، في سنة 836 تأسست صناعة البردي في بغداد على يد الخليفة العباسي المستعصم (796-842). تُستخدم هذا الورق أيضًا في صقلية وشمال سوريا وبلاد ما بين النهرين، حيث تأتي منها العديد من أوراق البردي المكتوبة باللغة العربية خلال القرون الأربعة الأولى للهجرة والمحفوظة حتى اليوم. وكانت المصادر الأكثر شيوعًا لورق البردي هي مصر العليا والفسطاط (القاهرة) ودمشق وفلسطين والعاصمة العباسية سامراء.
3.2 الورق
تم نقل سر صناعة الورق إلى العرب عن طريق الصينيين في سمرقند في القرن الثامن، كان الورق العربي الأول يصنع من القطن أو الحرير أو القنب. يجب أن يكون ناعما وذا قدرة على الامتصاص قليلاً ليكون مناسبا للخط. غالبًا ما يتم تلوينها قبل الاستخدام ومعالجتها بطرق مختلفة كنشا الأرز أو الشبة. ويتم صقل الورق حتى يصبح لامعاً بحجر العقيق أو اليشم أو حتى سن الجمل. ويتم تنفيذ هذه المعالجات من طرف الخطاط أو حرفي متخصص. تبنت الإدارة الورق لأن تزويره أصعب من تزوير الرق الذي يمكن محوه، وانتشر استخدام الورق خاصة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وامتد حتى الأندلس، ومنها انتقل إلى أوروبا. تكلفته المنخفضة وسهولة استخدامه من الأسباب التي جعلته يحل محل المواد الأخرى. مع ظهور الورق، تطورت جميع تجارة الكتب. تجدر الإشارة إلى أن تأليف المخطوطة يحتاج إلى عدة خبراء: قاطع الورق، الناسخ، الخطاط، المغلف، المزين أو المزخرف، إلخ. “ربع فن الكتابة يكمن في سواد الحبر، وربعه في مهارة الناسخ، وربعه في انتظام حجم القلم، والربع الأخير يأتي من جودة الورق” . القلقشندي (ت. 1418)
5.2 اللوحة القرآنية
في المدارس القرآنية التقليدية (الكُتاب والمعمرة والجامع)، يستخدم الأطفال ألواحًا خشبية تسمى “اللوحة” لتعلم الكتابة والقراءة وحفظ آيات وسور القرآن. تتطلب الكتابة على اللوحة إعدادًا خاصًا يجب على كل طالب القيام به يوميًا، يتم مسح الآيات المحفوظة من طرف الطالب عن طريق شطف اللوح بالماء، بعد الشطف، يتم وضع الطين الأبيض على السطح وهو رطب، ثم يترك ليجف حتى يُتمكن من نسخ آيات جديدة باستخدام قصب وحبر يسمى “سمق” (مصنوع من سخام صوف الأغنام). تبدأ عملية التعلم بالسور القصار وتنتهي بأطولها. في البداية، يكون دعمًا بسيطًا للدراسة والحفظ، ثم يتحول في مراحل معينة من التعلم إلى نوع من دبلوم نهاية الدراسة (الختمة). يتم بعد ذلك تزيين الألواح، غالبًا بيد الشيخ، ويتم إحضارها إلى المنزل ليتم الاحتفاظ بها كتذكير بالكلمات التي نزلت من اللوح المحفوظ ، والتي لا يمكن تغييرها حرفيًا. (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) ( سورة البروج، 21 – 22)